
التطور اللوجستي في السعودية
تسعى السعودية بكل قوة لتثبيت مكانتها كمركز لوجستي عالمي يربط بين القارات الثلاث. وفي إطار البرنامج الوطني لتطوير الصناعة والخدمات اللوجستية “ندلب”، أطلقت المملكة استثمارات ضخمة تصل إلى 427 مليار دولار في قطاع النقل والخدمات اللوجستية. يأتي هذا الإنفاق الكبير نتيجة لموقع السعودية الجغرافي الاستراتيجي، الذي يجعلها نقطة التقاء بين آسيا وأوروبا وإفريقيا. إذ تقع عند مفترق الطرق بين الشرق والغرب، وتطل على البحر الأحمر والخليج العربي، مما يمنحها ميزة كبرى لتكون وجهة حيوية للبضائع والتجارة العالمية.
خطط تطوير الخدمات اللوجستية
تسعى المملكة إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط، وتعزيز سلسلة الإمدادات العالمية عبر موانئها ومطاراتها وشبكاتها البرية والبحرية والجوية. لا تكتفي السعودية بأن تكون مجرد نقطة عبور، بل تهدف إلى أن تتحول إلى منصة تشغيل لوجستية متكاملة. هذه الخطوات تأتي ضمن استراتيجية أشمل تهدف إلى زيادة مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 10% بحلول عام 2030، بالإضافة إلى توليد مئات الآلاف من الوظائف النوعية وتعزيز الاستثمارات الأجنبية في مجالات النقل الجوي، البحري، وسكك الحديد.
تهدف المملكة أيضاً إلى تطوير 59 مركزاً لوجستياً بمساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع بحلول عام 2030، وزيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ إلى 40 مليون حاوية قياسية. تسعى الخطة أيضاً إلى رفع قدرات الشحن الجوي إلى أكثر من 4,5 ملايين طن، واستقبال 330 مليون مسافر عبر مطارات المملكة.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف المملكة إلى تحسين تصنيفها في مؤشرات الأداء اللوجستي العالمي والاتصال البحري والجوي، مما يجعلها ضمن أفضل 10 دول في هذا المجال بدلاً من المرتبة 38. كما تهدف إلى جذب استثمارات خاصة وأجنبية من خلال شراكات مع القطاع الخاص وتقديم حوافز، فضلاً عن تخصيص مناطق اقتصادية لوجستية خاصة.
من جهة أخرى، تشير التقديرات إلى أن الاستثمارات المتوقعة ستولد عوائد اقتصادية تتجاوز 106,6 مليارات دولار سنوياً بنهاية العقد، من خلال تعزيز التجارة الإقليمية وزيادة كفاءة التصدير وإعادة التصدير.
على الرغم من هذه الطموحات، تواجه السعودية تحديات تتعلق بتحديث البنية التحتية وتطوير المهارات البشرية المتخصصة لمواكبة المعايير العالمية. ويظهر القائمون على “ندلب” إدراكاً لتلك التحديات، حيث يتضح أن التجربة السعودية تتميز بتكامل المنظومة بأكملها، بما في ذلك التحول الرقمي والشراكات الدولية.
في إطار رؤية 2030، تسعى السعودية لضمان مستقبل اقتصادي مزدهر، بينما تهدف في الوقت نفسه لأن تكون قلب العالم في حركة التجارة والنقل والخدمات اللوجستية، مع أهمية تحسين الإجراءات الجمركية والتشريعات المتعلقة بالنقل لتحسين كفاءة الأداء وتعزيز الاستفادة من تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية.