
التعليم في المملكة العربية السعودية: نظام الفترتين
يشهد التعليم في المملكة العربية السعودية تحولاً هامًا بعد قرار وزارة التعليم بتنفيذ نظام الفترتين الصباحية والمسائية في المدارس، مما يعني أن 60% من وقت الطلاب الدراسي سيقضونه في المنزل بدءًا من الأسبوع المقبل. يعتبر هذا القرار بمثابة توجّه نحو نموذج تعليمي جديد يجمع بين التعليم الحضوري والتعليم عن بُعد، ويعكس نقلة نوعية في النظام التعليمي بالمملكة.
نموذج التعلم المدمج
أعلنت وزارة التعليم أن إدارات التعليم ستبدأ بتطبيق النظام الجديد من خلال تقسيم الطلاب إلى فئتين، A وB، لضمان فعالية العملية التعليمية واستغلال الموارد بشكل أفضل. حيث ستقوم الفئة A بالحضور إلى المدرسة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع مع الاعتماد على التعليم عن بُعد يومين. بينما الفئة B ستحصل على اليومين الحضوريين والثلاثة أيام الدراسية عن بُعد بالتناوب في الأسبوع التالي. يهدف هذا النظام إلى تحقيق مرونة تعليمية وتحسين توزيع الموارد البشرية والمادية، مما يقلل من الحاجة إلى استئجار مباني مدرسية باهظة التكاليف.
وفي هذا الإطار، أفاد مدير تعليم الطائف أن النظام الجديد سيحقق مرونة كبيرة ويساعد في استغلال المدارس بشكل أفضل مع الحفاظ على جودة التعليم وتطوير التجربة التعليمية للطلاب. يرتبط هذا القرار بخطة وطنية طويلة الأمد تهدف إلى معالجة نقص المباني المدرسية في المملكة، مستفيدة من التجارب الرقمية التي تم تنفيذها خلال جائحة كورونا التي أثبتت فعالية نماذج التعليم المدمج.
من جهة أخرى، تتوقع الوزارة أن يسهم هذا التغيير في تعزيز كفاءة استخدام الموارد التعليمية وتقليل النفقات التشغيلية للمرافق التعليمية. كما أن نموذج “مدارس بلا أسوار” سيدفع نحو اعتماد الابتكار والتكنولوجيا في المناهج الدراسية، مما يعزز التعلم الذاتي لدى الطلاب.
من المتوقع أن يؤثر نظام الفترتين بشكل عميق على العائلات في المملكة، حيث سيحتاج الآباء إلى إعادة تنظيم جداولهم وفقًا للنظام الجديد. وعلى الرغم من الترحيب الذي لقاه بعض الآباء بفكرته، هناك مخاوف من صعوبة التكيف مع هذا الأسلوب الجديد خصوصًا لدى الأسر التي تعمل بدوام كامل، ولكن الخبراء يعتقدون أن هذا النظام سيعزز من جودة التعليم من خلال توفير بيئة تعلم أكثر تفاعلاً.
يمثل هذا التحول فرصة لإعادة توجيه مستقبل التعليم في المملكة، مما يتماشى مع رؤية 2030 التي تستهدف الابتكار والتحول الرقمي. ويشير الخبراء إلى أن هذا النظام الجديد يمكن أن يكون مقدمة لعصر التعليم الذكي الذي يعزز من استقلالية الطلاب وقدرتهم على إدارة وقتهم بفاعلية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تقبل المجتمع لهذا التحول وضمان تطبيقه بشكل يحقق الأهداف التعليمية المنشودة.
أثار هذا الإعلان عن نظام الفترتين جدلاً واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وتمت دعوات من متخصصين تعليمين لإقامة حملات توعية لمساعدة الأهالي والمعلمين على التكيف مع هذا النظام الجديد وتدريب الكوادر التعليمية لإدارته بفعالية. يُعتبر تطبيق نظام الفترتين خطوة هامة نحو “مدارس بلا أسوار”، مما يمهد الطريق لبناء مجتمع تعليمي حديث يعتمد على الابتكار والاستدامة.