
رصدت النيابة العامة، في تقريرها السنوي الخاص بسنة 2023، استمرار جهودها في “تطوير مواردها البشرية ومنظومتها المعلوماتية”، مبرزة أن العنصرين معاً يعتبران محددين حاسمين في “تطوير الأداء وتعزيز النجاعة”.
مناصفة “شبه محقَّقة”
في شق تعزيز الموارد البشرية، فإن انطلاقة السنة التي يغطيها التقرير سجلت “إعلان نتائج مباريات تعيين المسؤولين عن البنيات الهيكلية الجديدة التي سَنّها القرار رقم 2021/22 الصادر في 31 دجنبر 2021 المُغير للقرار السابق رقم 17/1 الخاص بتنظيم بنيات إدارة رئاسة النيابة العامة وتحديد اختصاصاتها”، مما جعل “عدد مناصب المسؤولية في متم 2023 مستقرا في 69 منصبًا”.
وأظهر التقرير “هيمنة” واضحة للمسؤولين الذكور على مناصب المسؤولية في توزيع عدد العاملين برئاسة النيابة العامة، حسب الإطار ونوعية المسؤولية؛ ففضلا عن الكاتب العام يتوزع البناء الهيكلي للموارد البشرية على 5 رؤساء أقطاب (3 ذكور وأنثيان)، و13 رئيس شعبة (12 من الذكور وأنثى واحدة). وبالنسبة لرؤساء الوحدات الخمسين فيتوزعون بين 39 من الذكور و11 من الإناث.
ولتحفيز الموارد البشرية العاملة برئاسة النيابة العامة تميزت سنة 2023 باتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل ترقيتهم، فتم إصدار القرار رقم 2023/2 بتاريخ 24 نونبر 2023 المتعلق بإجراءات امتحان الكفاءة المهنية. كما تمت تسوية ترقية باقي الموظفين حسب الأسلاك الإدارية التي ينتمون إليها.
وأضاف التقرير ذاته أنه “لوحظ خلال سنة 2023 انخفاض في عدد الموارد البشرية العاملة برئاسة النيابة العامة”، إذ انتقل من 340 سنة 2022 إلى 333 متم 2023. وعزا التقرير ذلك إلى “استفادة بعض الموظفين الملحقين أو الموضوعين رهن الإشارة من ترقيات أو من مناصب للمسؤولية في أسلاكهم الأصلية”؛ مما يجعل وضعية الموارد البشرية “تكون قد استقرت في متم سنة 2023”.
ووفقاً لاستقراء جريدة هسبريس لبيانات التقرير، أحصت مؤسسة رئاسة النيابة العامة 59 قاضيًا وقاضية، مع “هيمنة” جلية للذكور بـ44 قاضيا (75 بالمائة) مقابل 15 قاضية فقط بنسبة 25 بالمائة.
أما بالنسبة لإطار الموظفين فيشكلون بالمجموع 333، لكن بتقارب في نسب توزيع النوع، إذ يشكل الموظفون الذكور الـ 177 نسبة 53 بالمائة مقابل 156 موظفة يمثلن نسبة 47 بالمائة.
وباحتساب النسبة المئوية الإجمالية، فإن الذكور يمثلون 56 بالمائة من إجمالي العاملين برئاسة النيابة العامة، في حين تشكل النساء 44 بالمائة.
تطوير المنظومة المعلوماتية
ولم تُخف رئاسة النيابة العامة الإشارة إلى أن “رقمنة إجراءات العمل واعتماد ما أمكن الأنظمة المعلوماتية في تبادل المراسلات والإحصائيات مع النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة مكنا من اختصار الوقت والتقليل من اعتماد الوثائق الورقية عبر إعمال مجموعة من التطبيقيات المعلوماتية”.
وعدّدت “تطبيقية تدبير تقارير زيارة أماكن الاعتقال”، و”تطبيقيّة تدبير الإحصائيات الشهرية والدورية والسنوية”، إضافة إلى “تطبيقية تتبع بعض القضايا الخاصة (جرائم غسل الأموال والجرائم المالية…)”.
كما أشارت إلى “إحداث آلية الشكاية الإلكترونية لتلقي شكايات وتظلمات المواطنين بالداخل والخارج، وإحالتها إلكترونيا على النيابات العامة لدى المحاكم، والتوصل بنفس الطريقة بالأجوبة المتعلقة بها، حيث يشعر المشتكي بالمآلات بواسطة رسالة نصية عبر الهاتف”.
وأضافت رئاسة النيابة العامة “ركّز العمل خلال سنة 2023 على مواصلة مسار الرقمنة من خلال تطوير بعض التطبيقيات المعمول بها، وكذا المساهمة في التحول الرقمي لعمل النيابات العامة، والتنسيق مع القطاعات والشركاء في مجال العدالة لإنجاح برامج التحديث”.
وخصّ التقرير بالذكر قيام رئاسة النيابة العامة، بتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية المعنية، بـ”توفير التطبيقيات المعلوماتية الضرورية، وتنزيل الإجراءات الواردة في خطة العمل الموضوعة من طرف مجموعة العمل المالي”، من خلال مواكبة النيابات العامة في تدبير ملفات جرائم غسل الأموال عبر إعداد قاعدة بيانات مركزية وتعميم التطبيقية المعلوماتية على المحاكم المختصة، والتي تتيح وظائفها المهنية تتبع الإجراءات المتخذة في جميع مراحل الدعوى العمومية وتجميع إحصائيات دقيقة تتعلق بهذه الجريمة، مما ساهم في إخراج المغرب من مسلسل المتابعة المعززة المسماة “اللائحة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (GAFI) في الرابع والعشرين من شهر فبراير 2023.
تبادل البيانات حول جرائم الأموال
ومن حيث “تيسير الحصول على بيانات الحسابات البنكية للتصدي للجريمة”، فإنه “تنزيلا لبعض بنود الاتفاقية المبرمة بين رئاسة النيابة العامة وبنك المغرب، تم تطوير التطبيقية التي تتيح إمكانية التبادل الإلكتروني بين النيابات العامة وبنك المغرب حول المعطيات البنكية المتعلقة بالأشخاص المتورطين في ارتكاب أفعال جُرمية ذات صبغة مالية، وفق دفتر التحملات الذي يضمن حماية المعطيات الشخصية والسرية في التفاعل مع البيانات”.
ومكنت هذه المبادرة، وفق التقرير ذاته، من “توفير معالجة أوتوماتيكية للطلبات التي تتقدم بها النيابات العامة للحصول على بيانات الحسابات البنكية وتسريع الأبحاث التمهيدية، لاسيما البحث المالي الموازي. وقد تم تخفيض المدة الزمنية لهذا الإجراء إلى مستوى قياسي بلغ 15 دقيقة”.
التعاون القضائي الدولي
وطيلة السنة المذكورة تم “تطوير التطبيقية المعلوماتية المتعلقة بطلبات التعاون القضائي الدولي، والتي تساهم في مركزة تدبير هذه الملفات، وتمكينها من آليات معلوماتية تساعد في تتبع التنفيذ والتقيد بالآجال التي تتطلبها مجموعة من الإجراءات المرتبطة بالاتفاقيات الدولية المعتمدة كأساس للتعاون القضائي، سواء الثنائية منها أو الدولية”.
وتشمل هذه التطبيقية المعلوماتية “تدبير كل من ملفات الإنابات القضائية الجنائية الواردة والصادرة، طلبات تسليم المجرمين والشكايات الرسمية، الطيات المدنية الواردة والصادرة، متابعة الأجانب، وفيات الأجانب والأوامر الدولية”، يضيف التقرير، مشيرا إلى أنه سيتم العمل مستقبلا على تنزيل الوظائف الخاصة بالتدبير الإلكتروني لملفات الاختطاف الدولي للأطفال، وممارسة حق الحضانة والزيارة، والطيات الجنائية الواردة والصادرة (في طور التجريب).
كما سيتم “العمل على توفير وظائف جديدة تتيح إمكانية التبادل الإلكتروني للوثائق مع النيابات العامة بالمحاكم وباقي الفاعلين، والاستغناء التدريجي عن التبادل الورقي مع هذه الرئاسة لضمان مزيد من السرعة والدقة والفعالية في تتبع تنفيذ طلبات التعاون القضائي الدولي”.