فرنسا أمام مفترق طرق: أزمة معقدة تضيق خيارات ماكرون

فرنسا أمام مفترق طرق: أزمة معقدة تضيق خيارات ماكرون

استقالة رئيس الوزراء الفرنسي وتأزم الوضع السياسي

عمّقت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الفرنسي يباستيان لوكورنو، اليوم (الإثنين)، من الأزمة السياسية المركبة في البلاد. وضعت هذه الاستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون في مأزق يتضمن ثلاثة خيارات: الخيار الأول هو استقالته الشخصية، وهو أمر غير مرجح حالياً. الخيار الثاني يتمثل في حلّ الجمعية الوطنية (مجلس النواب) والدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهو خيار محفوف بالمخاطر لأنه قد لا يضمن له الأغلبية البرلمانية، بل قد يكون إجراءً مغامراً.

يتمثل الخيار الثالث في تكليف شخصية جديدة لتشكيل الحكومة، محاولاً بذلك الهروب إلى الأمام دون أي تغييرات فعلية على الأرض، خصوصاً أن الكتلتين البرلمانيتين الرئيسيتين من أحزاب اليسار وحزب أقصى اليمين سيبقيان في موقع المراقبة لأي حكومة لا تلبي مطالبهما. هذا يعني أن ماكرون قد يصبح رهينة لخيارين؛ إما أن يقبل بتكبيل حكومته بأجندتهما، أو أن تتعرض حكوماته للسقوط المتكرر، مما يدخل البلاد في أزمة غير مسبوقة تاريخياً.

تداعيات الاستقالة

رأت زعيمة «التجمع الوطني» اليميني المتطرف في فرنسا، مارين لوبان، أن الحل الوحيد الفعال هو إجراء انتخابات برلمانية جديدة. بعض المصادر أشارت إلى عدة أسباب وراء الاستقالة التي فاجأت الفرنسيين حتى النواب والوزراء. لوكورنو، الذي يعد الخامس في سلسلة الاستقالات منذ يناير 2025، كان قد عين 18 وزيراً ليلاً قبل استقالته، وأشعل ذلك فتيل الأزمة. توضح الاعتراضات أن غالبية الوزراء المختارين كانوا قد شاركوا في حكومات سابقة، مما يعني أن الحكومة رُفضت بحجب الثقة لا ينبغي أن تعود.

بالأمس، عيّن ماكرون حكومة جديدة برئاسة لوكورنو، محاولاً مواجهة الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد. وقد تم الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد بعد مرور شهر من تعيين لوكورنو، وهو يُعتبر السابع في فترة حكم ماكرون. تولى برونو لو مير، الذي شغل منصب وزير الاقتصاد سابقاً، حقيبة الدفاع. فيما تم تعيين رولان ليسكيور كوزير للاقتصاد في مهمة صعبة تتعلق بإعداد خطة الموازنة. واستمر عدد من الوزراء البارزين في مناصبهم، حيث ظل جان-نويل بارو وزيراً للخارجية.

تشهد فرنسا حالياً جموداً سياسياً منذ قرار ماكرون إجراء انتخابات مبكرة في منتصف العام الماضي، وهو قرار كان يهدف لتعزيز سلطته، إلا أنه أسفر عن برلمان منقسم بين ثلاث كتل تنافسية. أما اثنان من سابقي لوكورنو، فرنسوا بايرو وميشال بارنييه، فقد أُقيلتا بسبب مواجهات تشريعية حول موازنة التقشف الفرنسية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *