رسوم صخرية تعود لعصور قديمة
اكتشفت مؤخراً رسومات طبيعية على صخور الحجر الرملي في صحراء النفود في المملكة العربية السعودية، والتي تعود إلى ما يقرب من 12 ألف عام. هذا الإنجاز العلمي الذي احتفت به مجلة «نيتشر» الأمريكية يمثل دليلاً قوياً على أن الوجود البشري في هذه المنطقة يعود لزمن أبكر مما كان متوقعاً.
اكتشافات أثرية تكشف حقائق جديدة
يعتبر هذا الاكتشاف تحدياً لمعتقدات سابقة حول توقيت أول استقرار بشري شمال المملكة. يُعتقد أن تلك الرسومات قد أنجزها مجتمعات صيادة ما بين 11,400 و12,800 سنة مضت، وكانت تهدف إلى تحديد مواقع المياه الحيوية. وُجد نحو 60 رسماً تشمل حوالي 130 نوعاً من الحيوانات، مثل الجمال والحمير والغزلان، امتدت عبر دائرة قطرها 32 كيلومتراً إلى الجنوب من صحراء النفود. كما تصل طول رسومات الجمال إلى حوالي 7 أقدام، وقد أُنجزت هذه الأعمال الفنية على صخور تعلو بـ128 قدماً عن سطح الأرض.
تشير العالمة الإيطالية ماريا غونين، المتخصصة في دراسة الرسوم الصخرية، إلى أن إنجاز هذه الرسومات كان يمثل تحدياً بسبب الارتفاع الشديد للمنطقة. تتيح هذه الرسومات فرصة فريدة لفهم حياة المجتمعات القديمة، وعلاقتها بالمحيط البيئي الذي عاشت فيه. إنها لا تعكس فقط الفنون القديمة، بل تسلط الضوء أيضاً على التفاعل بين الإنسان وموارده البيئية.
يمكن اعتبار هذه الاكتشافات طبقات إضافية تسهم في تشكيل صورة أوضح عن الثقافات القديمة في شبه الجزيرة العربية، وكشف المزيد عن طبيعة حياة المجتمعات السابقة. يبدو أن الرسومات ليست مجرد معالم عشوائية، بل كانت وسيلة للتعبير والتواصل بين الأفراد، مما يسهل فهم العلاقات الاجتماعية والثقافية التي كانت قائمة. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هذه الأعمال قد ساهمت في بناء هويات تلك المجتمعات التي عاشت في المنطقة لفترات طويلة، مما يجعل هذه الاكتشافات قيمة كبيرة لدراسة العصور ما قبل التاريخ والتاريخ الثقافي للمنطقة.