تهريب الدولار تحت غطاء الذهب: المثقال يلامس المليون وقلق جماهيري من تدهور القدرة الشرائية

تهريب الدولار تحت غطاء الذهب: المثقال يلامس المليون وقلق جماهيري من تدهور القدرة الشرائية

أزمة الذهب في العراق: تحديات اقتصادية متزايدة

يشهد العراق في بداية خريف عام 2025 أزمة معقدة تتعلق بمسألة الذهب، حيث تتداخل فيها عدة عوامل. يتمثل العامل الأول في الارتفاع القياسي لأسعار الذهب محلياً وعالمياً، إذ يقترب سعر المثقال من حاجز المليون دينار. أما العامل الثاني فهو استخدام استيراد الذهب كستار لتهريب الدولار إلى خارج البلاد. هذه المعادلة شكلت ضغطاً متزايداً على الاقتصاد العراقي، مهددة الاستقرار النقدي والاجتماعي في وقت تتزايد فيه التوترات الإقليمية وتتحول الأسواق العالمية إلى حالة من عدم الاستقرار.

تحديات مستجدة في سوق الذهب

أوضح المختص الاقتصادي ناصر الكناني أن سعر مثقال الذهب وصل إلى مستويات غير مسبوقة، مما أثار قلقاً واسعاً بين المواطنين والتجار. ويرتبط هذا الارتفاع بالأسباب الداخلية والخارجية، حيث أن الزيادة العالمية لأسعار الذهب جاءت نتيجة التوترات الجيوسياسية وتباطؤ النمو الاقتصادي. من جهة أخرى، تراجعت قيمة الدينار العراقي أمام الدولار بفعل المضاربات وشح العملة الصعبة في السوق المحلية، مما زاد من الطلب على الذهب كملاذ آمن لحفظ الأموال.

ويواجه المجتمع العراقي ارتفاع تكاليف الزواج والادخار الشعبي، مما يعكس الأبعاد الاجتماعية العميقة لهذه الأزمة. وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي أحمد التميمي أن استيراد الذهب أصبح وسيلة لتهريب العملة الصعبة، حيث تزايدت عمليات الاستيراد من دول مثل الإمارات وتركيا، مما يشير إلى وجود أنشطة غير قانونية في السوق. وأشار إلى أن الإيرادات من هذه العمليات تحقق أرباحاً كبيرة للمهربين، مما يستدعي وضع ضوابط صارمة لهذه العمليات.

وكشف النائب كاظم الفياض عن وجود شركات وهمية وأخرى غير وهمية تعمل على تهريب العملة بطرق متنوعة، على الرغم من الجهود الأمنية للحد من هذه الأنشطة. وتعتبر هذه الشركات من أبرز أسباب الزيادة المستمرة للدولار في السوق الموازي، حيث تتداخل الأبعاد السياسية مع الاقتصادية، مما يجعل الرقابة الأعمق صعبة.

وفي إطار محاربة تهريب العملة، أعلنت لجنة الأمن والدفاع أخيراً عن تنفيذ عمليات ضد مافيات التهريب، مشيرة إلى أن هذا النوع من التهريب يستنزف الاقتصاد ويساهم في ارتفاع الأسعار. وأكد النائب ياسر اسكندر وتوت على أهمية الاستمرارية في الجهود المبذولة لإنهاء هذه الظاهرة، رغم أن التحديات مازالت قائمة.

تتضح من خلال هذه المعطيات الكثيرة أن الذهب في العراق أصبح ملفاً استراتيجياً يعكس أزمات متعددة. ورغم أن ارتفاع قيمته يعزز احتياطيات الدولة، إلا أن المجتمع يدفع ثمناً باهظاً جراء ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية. وبالتالي، يتطلب معالجة هذه الأزمات ربط السياسات المالية والنقدية بالإجراءات الأمنية لتوفير آليات رقابية فعالة على تجارة الذهب. في غياب هذه الحلول، ستبقى أزمة الذهب في العراق معضلة متصاعدة تؤثر في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *