جي تي اي “عودة الأسطورة بعد ثلاث سنوات من الإخفاق: تحديث جراند ثفت أوتو ذا تريولوجي يعيد الحياة إلى المدن الكلاسيكية ويصالح جمهور السلسلة الغاضب”

منذ إصدار نسخة “جراند ثفت أوتو: ذا تريولوجي – الإصدار المحسّن” في عام 2021، واجهت اللعبة عاصفة من الانتقادات بسبب المشكلات التقنية الكثيرة والمظهر البصري الذي اعتبره عشاق السلسلة بعيدًا عن روح النسخ الأصلية. ومع أن هذه النسخة جمعت ثلاثة من أهم عناوين سلسلة “GTA” الكلاسيكية، وهي “GTA III” و”Vice City” و”San Andreas”، إلا أن تجربة الإطلاق الأولى لم تكن موفقة. واليوم، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تلك التجربة، أصدرت شركة روكستار تحديثًا جديدًا ضخمًا يعيد الأمل في إنقاذ الثلاثية وإرضاء جمهورها القديم.

جراند ثفت أوتو: ذا تريولوجي

عندما أطلقت روكستار نسخة “The Definitive Edition”، كان الهدف منها إعادة تقديم الألعاب الكلاسيكية لجيل جديد من اللاعبين مع تحسينات رسومية تعتمد على محرك “Unreal Engine 4″، وتعديلات في الإضاءة والتحكم والمظهر العام للعوالم المفتوحة. لكن التغييرات لم تلقَ استحسانًا، إذ شعر كثير من اللاعبين بأن روح الألعاب الأصلية فُقدت، وأن الشخصيات بدت غريبة وغير مألوفة، كما أن الأداء التقني كان ضعيفًا ومليئًا بالأخطاء التي أفسدت التجربة.

منذ ذلك الوقت، ظلت الشركة تتلقى الانتقادات وتعد بإصلاحات متتالية، إلا أن التحديثات السابقة لم تحقق الفارق المطلوب. حتى جاء تحديث نوفمبر 2024، الذي حمل معه تغييرات جوهرية تُعدّ الأضخم منذ إطلاق النسخة المحسّنة.

محتوى التحديث الجديد
يُعتبر هذا التحديث بمثابة إعادة هيكلة بصرية وتقنية للثلاثية. أول ما يلفت الانتباه هو إضافة “وضع الإضاءة الكلاسيكي”، الذي يُعيد الأجواء الأصلية للمدن الثلاث، سواء في ألوان السماء أو الظلال أو ضباب المسافات البعيدة. هذا الوضع سمح للاعبين باختيار الشكل الذي يفضلونه بين الإضاءة الحديثة والمحسّنة أو النمط الكلاسيكي الذي يعيد الحنين للماضي.

كما أجرى التحديث تحسينات رسومية كبيرة على المطر والظلال والانعكاسات، لتصبح البيئات أكثر واقعية وتناسقًا. أُعيد تصميم تأثيرات الغيوم في لعبة “San Andreas”، وتم تعديل توزيع الإضاءة في “Vice City” لتبدو الليالي أكثر سحرًا وواقعية. كما أصبحت المسافات البعيدة أكثر وضوحًا بفضل إعادة الضباب الكلاسيكي الذي افتقده اللاعبون في النسخة السابقة.

أما على صعيد طريقة اللعب، فقد أضاف التحديث حرية أكبر في الحركة، إذ أصبح بإمكان اللاعب الجري أثناء التصويب بأي نوع من الأسلحة، وهو أمر لم يكن ممكنًا سابقًا. كما تم إصلاح عشرات الأخطاء التي كانت تعيق إتمام بعض المهمات، وأُضيف خيار جديد يتيح إيقاف المقاطع السينمائية مؤقتًا، وهي ميزة بسيطة لكنها كانت مطلوبة منذ فترة طويلة. كذلك جرى تحسين واجهة المستخدم والقوائم الرسومية لتصبح أكثر وضوحًا وتنظيمًا، مما يجعل التنقل بين الإعدادات أسهل وأكثر انسيابية.

التحديث لم يقتصر على الحواسيب، بل شمل جميع المنصات الحديثة، مثل أجهزة “بلايستيشن” و”إكس بوكس” و”نينتندو سويتش”. وقد جاءت أحجام التحديثات متفاوتة بحسب اللعبة والمنصة، إذ تجاوز بعضها ثمانية عشر جيجابايت، ما يعكس حجم التغييرات التقنية والرسومية التي تمت إضافتها.

ردود الفعل من اللاعبين
استقبل المجتمع هذا التحديث بحذر في البداية، لكن كثيرًا من اللاعبين أعربوا عن ارتياحهم بعد تجربته، معتبرين أنه أخيرًا قدّم التحسينات التي كان ينبغي أن ترافق الإطلاق الأول. فقد لاحظ اللاعبون تحسنًا ملحوظًا في الأداء العام، وثباتًا أكبر في معدل الإطارات، إلى جانب عودة بعض التفاصيل التي كانت مفقودة في النسخة السابقة. ومع ذلك، يرى البعض أن التحديث، رغم حجمه الكبير، لم يُصلح كل الأخطاء، وأن هناك مجالات أخرى تحتاج إلى تحسين مثل الذكاء الاصطناعي وسلوك الشخصيات الثانوية في العالم المفتوح.

من جهة أخرى، أثار التحديث جدلًا بعد أن لاحظ اللاعبون إزالة اسم استوديو “Grove Street Games” من شاشة البداية، وهو الفريق الذي تولى تطوير النسخة المحسّنة الأولى. أثار هذا القرار استياء بعض المطورين القدامى الذين رأوا فيه تجاهلًا لمساهماتهم، حتى وإن كانت النسخة الأصلية قد واجهت انتقادات واسعة.

استمرار الدعم وتطلعات المستقبل
أكدت شركة روكستار أنها لم تنته بعد من دعم ثلاثية GTA، وأن هناك تحديثات إضافية قيد التطوير لإصلاح ما تبقى من مشكلات وتحسين تجربة اللعب بشكل أكبر. وقد أشارت بعض التسريبات إلى أن الشركة تستفيد من النسخ التي تم تطويرها مؤخرًا للهواتف الذكية، والتي أثبتت نجاحها من حيث الأداء والاستقرار، لنقل مزيد من تلك التحسينات إلى نسخ الحاسب والمنصات.

كذلك، يتطلع اللاعبون إلى أن يشمل الدعم المستقبلي تحسين الذكاء الاصطناعي وإضافة عناصر تفاعلية جديدة داخل المدن، بحيث تعود الألعاب إلى رونقها القديم الذي جمع بين الحرية والواقعية والفكاهة السوداء التي اشتهرت بها السلسلة. كما يأمل البعض أن تسمح الشركة بدعم التعديلات (Mods) رسميًا، لتمكين المجتمع من إبداع محتوى جديد كما كان يحدث في الإصدارات القديمة.

تقييم شامل
من الواضح أن تحديث نوفمبر 2024 يُعدّ خطوة مهمة في رحلة إعادة بناء الثقة بين روكستار وجمهورها. فهو لم يقتصر على إصلاح الأخطاء التقنية، بل أعاد الاعتبار للجماليات الأصلية التي جعلت الثلاثية محبوبة عبر الأجيال. ومع أن الطريق لا يزال طويلًا نحو الكمال، إلا أن هذا التحديث يبرهن أن الشركة جادة في تحسين المنتج، وأنها تستمع أخيرًا إلى آراء اللاعبين.

صحيح أن بعض العيوب لم تُعالج بالكامل، إلا أن التقدم الحاصل واضح، والتجربة اليوم أفضل بكثير مما كانت عليه في السنوات الماضية. يمكن القول إن روكستار نجحت في إنقاذ الثلاثية من الفشل الكامل، وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة من التحديثات التي قد تجعلها أقرب إلى الصورة المثالية التي حلم بها عشاق السلسلة منذ البداية.

في النهاية، يُعتبر التحديث الجديد لجراند ثفت أوتو: ذا تريولوجي بمثابة فرصة ثانية لروكستار كي تُعيد بريق ثلاثيتها الكلاسيكية. لقد نجحت الشركة في تصحيح الكثير من أخطائها، وبدأت تعيد ثقة جمهورها تدريجيًا. ومع استمرار الدعم وتطوير المزيد من التحسينات، قد تتحول هذه النسخة إلى تجربة ناضجة تجمع بين روح الماضي وتقنيات الحاضر، لتبقى ألعاب “GTA” الكلاسيكية حيّة في ذاكرة اللاعبين لعقود قادمة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *