محمد العويفير: انطلاقة جديدة نحو المستقبل

التأهل إلى كأس العالم: مسؤولية أكبر من الإنجاز

في ليلة حافلة بالفخر والاعتزاز، ارتفعت أصوات الهتافات وتلألأت الأعلام، ليؤكد المنتخب السعودي تأهله الرسمي إلى كأس العالم 2026، وهو ما كانت تنتظره الجماهير بشغف. لكن في خضم الاحتفالات، يجب أن نعي أن هذا الإنجاز ليس مجرد احتفاء مؤقت، بل يحمل في طياته مسؤولية أكبر تُلقى على عاتق اللاعبين. الواقع أن الجيل الحالي يُعد مختلفًا؛ فتاريخ الكرة السعودية قد شهد أجيالًا كانت النجومية مقتصرة على بعض المراكز، بينما كان الآخرون يعانون من أجل تحقيق المستوى المطلوب. أما اليوم، فنحن نشهد فريقاً متكاملاً يضم في كل مركز لاعباً موهوبًا، ناضجًا، وقابلًا للتطور، حيث يأتي الطموح والرغبة قبل المهارة والشهرة.

النجاح ليس هدفًا نهائيًا

لقد برزت أسماء اللاعبين في مواقعهم، مما جعل من المنتخب السعودي كيانًا متماسكًا لا يعتمد على نجم واحد. هذا الجيل قد أعاد البهجة إلى قلوب الجماهير وأشعرهم بوجود “منتخب كامل”. ومع ذلك، ينبغي أن ندرك أن التأهل يعتبر خطوة مهمة، لكنه ليس إنجازًا يُعتد به؛ بل هو عبء ثقيل يجب تحمله. قد شهدنا العديد من المنتخبات التي عانت من تراجع سريع بعد صعودها، لأن النشوة غلبت على العمل الجاد، والفرحة طغت على الانضباط. الطريق نحو المونديال يبدأ من هذه اللحظة، واللاعب السعودي اليوم يواجه اختبارًا حتمياً: هل سيكتفي بكونه جزءًا من “قائمة متأهلة” أم سيسعى جاهدًا لتحقيق مكانة خالدة في تاريخ اللعبة؟

يجب على اللاعبين العمل على تطوير أنفسهم قبل أن تعمل عليهم الأندية؛ إذ يتطلب منهم تحسين مستواهم البدني ورفع لياقتهم، مع بناء عقلية قوية وشخصية مستقلة. في عالم الكرة الحديثة، لا مكان للموهوب الذي يتمسك بمهاراته دون تطوير؛ فالتراجع مصير من لا يعمل على تحسين أدائه، ومن يتراجع يُستبدل بلا تردد. إن الجيل الحالي لديه جميع المقومات ليكون “جيلًا ذهبيًا جديدًا”، لكن الأمر يتطلب التزامًا يوميًا وعملًا متواصلًا، مع وعي كامل بأن الشعار الذي يرتدونه على صدورهم يعني أكثر بكثير من مجرد أسمائهم على الظهر.

كما يتوجب علينا كجماهير ووسائل إعلام أن نراجع طريقة تعاملنا مع المنتخب. للأسف، نحن نميل إلى التحفظ في المدح وننتظر الأخطاء لنفتح أبواب النقد، بينما نجد أنفسنا نبالغ في إطراء الأندية ونسعى لتبرير خطواتها. هذا التفاوت في الضغط قد أخرج لنا منتخبًا يخشى الخسارة أكثر من حماسه للفوز. رسالتي واضحة: يجب أن نعتبر منتخب الوطن ليس خصمًا ننتظر سقوطه، بل هو الممثل الأول لنا في كل محفل.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *