ما سر إدمان ملايين اللاعبين على لعبة Battlefield 6

ما سر إدمان ملايين اللاعبين على لعبة Battlefield 6

بعد شهور من الترقب والضجيج الإعلامي، أصبحت لعبة Battlefield 6 متاحة رسميًا على أجهزة Xbox Series X/S وPS5 والحاسب الشخصي، لتسجل أكبر انطلاقة في تاريخ السلسلة على منصة Steam.

هذا الإنجاز لم يكن مفاجئًا تمامًا، فقد قدّر المحللون أن اللعبة ستبيع أكثر من 1.8 مليون نسخة على Steam قبل إطلاقها، بإيرادات تجاوزت 100 مليون دولار. النسخة التجريبية المفتوحة كانت ناجحة للغاية، حيث تجاوز عدد اللاعبين المتزامنين ذروة لاعبي Call of Duty بالكامل. وبعد الإطلاق، وصلت Battlefield 6 إلى ذروة بلغت 747,440 لاعبًا في نفس الوقت—رقم يتجاوز بكثير ما حققته Battlefield 5 و2042 طوال فترة حياتهما.

ias

في الوقت الحالي، تنتظر عشرات الآلاف من اللاعبين في طوابير الخوادم. وقد تسبب خلل في تطبيق EA في منع من اشتروا اللعبة عبر متجر الناشر من تشغيلها، مما دفعهم إلى استرداد أموالهم وإعادة شرائها عبر Steam. وبينما لم تُكشف بعد أرقام المبيعات على Xbox وPlayStation، لا شك أن اللعبة باعت ملايين النسخ في يومها الأول. وبعد سنوات من التراجع والشكوك، يمكننا أن نقولها بثقة: Battlefield عادت بقوة.

Battlefield 6

لكن بالنسبة لمن يراقب من بعيد، فإن نجاح اللعبة لا يُختزل فقط في متعة اللعب الجماعي، رغم بعض العيوب مثل حجم الخرائط، غياب الطقس الديناميكي، وعدم وجود معارك بحرية. كما أن طور القصة الفردي—رغم التقييمات المتباينة—يُقدم تجربة أفضل مما يُشاع. ولا يتعلق الأمر فقط بخيبة الأمل التي خلفها عودة Call of Duty إلى سلسلة Black Ops للعام الثاني على التوالي، أو حتى بغياب ألعاب عسكرية واقعية تملأ الفراغ، رغم وجود عناوين مثل Hell Let Loose التي تقدم أجواء الحرب العالمية الثانية أو تجارب عصرية.

بالنسبة للكثيرين، فإن ما يميز Battlefield ليس مجرد أسلوب اللعب، بل الإحساس الفريد الذي لا يمكن لأي لعبة أخرى أن تقدمه. بل يتجاوز ذلك إلى حجم الجهد المبذول في تطويرها، ليس فقط من حيث عدد الاستوديوهات المشاركة، بل من حيث إعادة بناء الرؤية بالكامل. فبعد إخفاق Battlefield 2042 الذي شارك في تطويره كل من DICE وRipple Effect وCriterion وEA Gothenburg، أعلنت Electronic Arts عن إعادة هيكلة شاملة لسلسلة Battlefield، جمعت فيها فرقها تحت مظلة واحدة، مع انضمام استوديو Motive إلى المشروع.

رغم الصمت الطويل وغياب الإعلانات لأكثر من ثلاث سنوات، واصل الفريق الذي أصبح يُعرف لاحقًا باسم Battlefield Studios العمل خلف الكواليس دون توقف. وبينما كانت الشائعات تتحدث عن تعثر طور القصة تحت إشراف Ridgeline Games، وسعي EA لتحقيق رقم لاعبين يبدو مستحيلًا، ظل هناك بصيص من الأمل. خاصة بعد تأكيد Vince Zampella العودة إلى الأجواء الحديثة، واستلهام ذروة السلسلة من Battlefield 3 و4 وحتى 1942، بدا وكأن الفريق يطهو شيئًا مميزًا بالفعل.


لكن بدلًا من إعلان مباشر، كشفت الاستوديوهات عن مبادرة Battlefield Labs—برنامج اختبارات ضخم يهدف إلى تطوير اللعبة بالتعاون مع اللاعبين أنفسهم. ورغم التسريبات الكثيرة والجدل المتواصل، تم الكشف رسميًا عن Battlefield 6 في يوليو الماضي. ومع ذلك، لم يكن الفريق قد أنهى مهمته بعد، حيث استمر في تنظيم اختبارات إضافية ونسخة تجريبية مفتوحة، بل خصص اختبارًا منفصلًا يركز على طور Battle Royale قبل الكشف الكامل عن تفاصيل اللعبة.

هذه المبادرة لم تمر مرور الكرام على جمهور السلسلة. فبينما انضم إليها لاعبون جدد متحمسون لعودة Battlefield، بقي الكثير من اللاعبين القدامى أوفياء لها، لأن هوية السلسلة—من نظام الكلاسات، والتدمير الواقعي، والبيئات الضخمة، والمزج بين القتال البري والمركبات، إلى أسلوب اللعب القائم على الأهداف—قدمت لهم تجربة لم يجدوا لها مثيلًا في Call of Duty. لكن Battlefield 2042 دمّرت تلك الأسس، ودفعت العديد منهم إلى الابتعاد.

Battlefield 6

مع Battlefield 6، أصبح واضحًا أن DICE أدركت جوهر السلسلة وما جعلها محبوبة، وبدأت باستعادة ثقة جمهورها، بدءًا من وعدها بأن العناصر التجميلية ستظل واقعية تمامًا، في وقت أصبحت فيه تعاونات Call of Duty أكثر غرابة. ورغم الترحيب الكبير بالنسخة التجريبية، واجهت اللعبة انتقادات بسبب غياب متصفح الخوادم، وتفاوت وقت القتل، وغيرها من التفاصيل.

كان بإمكان المطورين تجاهل هذه الملاحظات أو التقليل من شأنها تحت شعار “الرؤية الفنية”، لكنهم اختاروا الاستجابة الفورية. أعادوا تصميم كلاسات مثل Assault، وأضافوا مسار تدريب جديد لكلاس Recon، وأكدوا أن طلبات اللاعبين بخصوص القتال البحري لم تُهمل—والمثير أن هذا الوعد لم يُقابل بتشكيك.

Battlefield 6

لا شك أن تنفيذ اللعبة من حيث البيئة الحديثة، وتصميم الصوت، وأسلوب إطلاق النار، والتحسينات التقنية، يُعد من الطراز الرفيع. لكن كل ذلك لم يكن ليحدث لولا أن الفريق قرر التراجع قليلًا، والاستماع فعليًا إلى جمهوره—وهي مهمة صعبة في ظل تنوع الآراء. لا يزال هناك جدل حول السماح لكل كلاس باستخدام أي سلاح، لكن على الأقل تم تخصيص قائمة تشغيل خاصة للأسلحة المغلقة لمن يفضلون تجربة Battlefield الكلاسيكية.

وغالبًا ما أقول هذا عن كل لعبة جماعية بنظام الخدمة المستمرة: مهما كان الإطلاق قويًا، فإن الاختبار الحقيقي يبدأ بعده. ليس فقط في خارطة الطريق وما يمكن تقديمه من محتوى، أو في نظام الربح (فهي لعبة بسعر 70 دولار من EA)، بل في كيفية الاستجابة للملاحظات. Battlefield 5 تحسنت كثيرًا عبر التحديثات، لكن تعديل واحد في نظام وقت القتل كان كافيًا لقلب الجمهور ضدها.

Battlefield 6

النجاح الساحق لـBattlefield 6 قد يجعل اللاعبين يتغاضون مؤقتًا عن عيوبها، لكن ذلك لن يدوم. عاجلًا أم آجلًا، سيتعين على DICE التعامل مع المطالب المتزايدة. حتى شيء بسيط مثل عدم متعة طور Battle Royale قد يقلب المزاج العام. ما إذا كانت ستواصل هذا النموذج التواصلي وتعمل مع اللاعبين لتحسين التجربة، يبقى سؤالًا مفتوحًا. فليس هناك لعبة جماعية بخدمة مستمرة خالية من العثرات.

لكن الأهم الآن هو أن Battlefield عادت، وعادت ممتعة. من الالتفاف خلف العدو وإنقاذ الحلفاء، إلى قيادة دبابة وتحطيم المباني، أو التحليق بطائرة وإسقاط القنابل وسط المعارك الجوية—كل لحظة تعيد اكتشاف العناصر التي جعلت السلسلة محبوبة لدى جمهورها القديم. وهذه العودة… مذهلة بحق.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *