في تطور غير متوقع أثار ضجة في الأوساط الاقتصادية اليمنية، سجل الدولار الأمريكي رقماً قياسياً جديداً عند 1630 ريالاً يمنياً، وهو رقم كان بعيد المنال قبل عقد من الزمن عندما كان الدولار يُساوي فقط 250 ريالاً. يعكس هذا الانهيار المدوي أن راتب الموظف الحكومي اليمني لشهر كامل لم يعد كافياً لشراء وجبة واحدة في مطعم متوسط في دبي، في حين يحذر الخبراء من أن كل دقيقة تأخير في حماية المدخرات تعني خسارة 1% من قيمتها.
في العاصمة المؤقتة عدن، ظهرت مواقف دراماتيكية في محلات الصرافة، حيث تراكمت أكوام من أوراق الريال اليمني المهترئة أمام ماكينات العد التي تصدر نغمة الطنين المزعج. أحمد المهندس، موظف حكومي في عدن، يصف معاناته قائلاً: “راتبي 200 ألف ريال يمني لا يكفي لشراء طعام أسبوع واحد لعائلتي، أشعر وكأنني أعمل مجاناً.” وتؤكد المصادر المصرفية أن الفارق البالغ 15 ريالاً بين سعري البيع والشراء للدولار في يوم واحد يعكس الفوضى النقدية غير المسبوقة.
قد يعجبك أيضا :
هذا الانهيار، الذي يماثل انزلاقاً جليدياً لا يمكن تداركه، له جذور عميقة في سنوات الحرب المدمرة منذ 2014 التي قضت على النظام المصرفي وأدت إلى انقسام البنك المركزي وفقدان احتياطيات الذهب والعملات الأجنبية. أدى تعدد مراكز القرار المالي وضعف الرقابة، إلى جانب انخفاض الإنتاج النفطي وانقطاع المساعدات الخارجية، إلى تحويل الاقتصاد اليمني إلى حالة أشد صعوبة من انهيار الليرة اللبنانية في 2019. يتوقع الخبراء الاقتصاديون سيناريو أكثر سوداوية، حيث قد يصل الدولار إلى 2000 ريال خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
التأثيرات السلبية تضرب الحياة اليومية للمواطنين بشدة، حيث ارتفعت أسعار الخبز بنسبة 300%، وأصبحت أدوية الأطفال تُباع بأسعار مرتفعة للغاية. فاطمة، ربة منزل من عدن، تعبر عن إحباطها قائلة: “أشتري الخبز اليوم بـ1000 ريال، وغداً قد يصبح 1500 ريال، لم أعد قادرة على التخطيط لميزانية المنزل.” تواجه المصانع المحلية خطر الإغلاق نتيجة عدم القدرة على استيراد المواد الخام، بينما تنتشر موجة جديدة من الهجرة بين الشباب اليمني بحثاً عن فرص عمل خارج البلاد.
قد يعجبك أيضا :
في مواجهة هذه العاصفة الاقتصادية القاسية، يظل السؤال مصيرياً: هل سيشهد عام 2026 نهاية الريال اليمني كعملة معترف بها؟ ينصح الخبراء بحماية المدخرات على الفور من خلال التحويل إلى الذهب أو العملات الأجنبية المستقرة. إذا كان الريال ينهار بهذه الوتيرة المخيفة في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، فما هو مصير بقية اليمن؟