
خيار هوبسون للسلام في الشرق الأوسط
يعود أصل مصطلح “خيار هوبسون” إلى توماس هوبسون، مالك إسطبل خيول في كامبريدج، إنجلترا، الذي كان يُلزم زبائنه بتأجير أقرب حصان إلى باب الإسطبل دون أي خيار آخر. بذلك، لم يكن أمامهم سوى القبول بما يُعرض عليهم أو الامتناع عن الإيجار تماماً. وعند النظر إلى مسألة القضية الفلسطينية، تتضح صورة مشابهة، حيث تُظهر إسرائيل وأمريكا أن الخيار المطروح أمام الفلسطينيين ومؤيدي السلام هو إما القبول بسيطرة إسرائيل وحملاتها العسكرية المدمرة، أو الفناء. لقد استمر هذا الكيان الصهيوني في ارتكاب الإبادة بحق الفلسطينيين منذ تأسيسه، مما أدى إلى مجازر مأساوية ودعت لتجارب إنسانية لا يمكن تجاوزها. تاريخ الأسى يشهد على الفظائع في ديار ياسين والطنطورة وكفر قاسم وغيرها، بالإضافة إلى الهجمات المستمرة على قطاع غزة التي أسفرت عن آلاف الشهداء والجرحى.
خيارات السلام المعروضة
تُشير الإحصائيات إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا في غزة كانوا من المدنيين، وقسوة الحصار أدت إلى نزوح واسع النطاق وتدمير شامل للبنية التحتية. في حين يتم دعم هذا السلوك من قبل حلفاء إسرائيل، حيث تسجل المساعدات المقدمة لها أرقاماً ضخمة تفوق 33 مليار دولار منذ أكتوبر 2023. رغم ذلك، انفجرت أصوات المجتمع الدولي، نتيجة لممارسات الاحتلال، مطالبين بوقف الانتهاكات ودعوة القادة المسئولين لمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة. وقد عُقد مؤتمر رفيع المستوى في 22 سبتمبر 2025 تحت رعاية سعودية وفرنسية، بهدف التوصل إلى حلول سلمية، وبرز من خلاله “إعلان نيويورك” الذي يوصي بمبدأ حل الدولتين.
في مواجهة الضغوط الدولية، ظهرت محاولات من قبل الإدارة الأمريكية لتشتيت انتباه العالم عن حجم المعاناة الفلسطينية، حيث أعلن ترامب عن خارطة طريق للسلام في غزة، خلقت مزيداً من الإرباك دون تقديم التزام حقيقي. بالإضافة إلى ذلك، أعلن عن “سلام دائم وازدهار”، لكن من دون الإشارة إلى حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة. بدلاً من ذلك، تم اقتراح توسيع روابط التطبيع مع الدول المجاورة، مع عدم تحقيق سلام شامل يضمن العدالة.
من الواجب على جميع المحبين للسلام الالتزام بمطلب إرساء السلام على أساس حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني تحت غطاء حل الدولتين، مع إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس. فلسطين التي تعاني منذ عقود من الاحتلال توجب علينا الاستماع لصرخاتها المنادية بالعدالة. فالكلمة الأخيرة لا تزال حاضرة في روح الشعراء الذين سطروا معاني الحق والكرامة.