
الأمن السيبراني في العراق: تحديات وإمكانات
شهد العقد الأخير تحولاً ملحوظاً في الفضاء الرقمي، حيث أصبح جزءاً أساسياً من الخدمات الحكومية، مما يعكس الحاجة الضرورية لتأمين هذه المنظومة. أي تقصير في هذا المجال قد يؤدي إلى مخاطر تمس الأمن العام والاستقرار الاقتصادي في البلاد. ولاحظت الأبحاث أن الهجمات السيبرانية على المؤسسات الحكومية في العراق قد تزيد بنسبة تفوق 190% مع استمرار انتشار مشاريع التحول الرقمي. هذا الوضع يتطلب خططاً فعالة لحماية البيانات وضمان استمرارية الخدمات.
الحماية الرقمية والتحديات التي تواجهها
تشير بيانات الجهات المعنية إلى أن التهديدات الرقمية في العراق متنوعة، تشمل هجمات DDoS التي تستهدف البنى التحتية، ومحاولات احتيالية تستهدف مستخدمي التطبيقات. هذه التحديات تستدعي استراتيجية شاملة تتضمن التصدي للتحديات التقنية والتشريعية والتوعية العامة. النتائج تشير إلى أن هناك هجمات منظمة تهدف لسرقة بيانات المواطنين، كما أكدت التقارير الأمنية وجود زيادة ملحوظة في هذه الأنشطة.
من جهة أخرى، حذر المختصون من المخاطر الناتجة عن التوسع في الأنظمة الرقمية، حيث يعد استغلال الثغرات الأمنية لمصلحة مجرمي الإنترنت أمراً مهماً. ويجب أن ترافق مشاريع التحول الرقمي استراتيجيات أمنية محكمة، مع تطوير المهارات الفنية والتأكد من أن المواطن يتلقى الوعي المناسب للتصدي لأي محاولة احتيال.
كما أظهرت الدراسات أن استخدام المنصات الرقمية بلا ضوابط قد يفضي إلى مظاهر جديدة من الإدمان وتفكك العلاقات الاجتماعية. ونجد أنه رغم وجود استراتيجيات توعوية، إلا أن عدم وجود استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة المخاطر المتزايدة يدل على نقص في التنسيق بين المؤسسات المعنية.
أيضاً، يبرز غياب التشريعات الخاصة بالأمن السيبراني كإحدى أكبر المعوقات التي تواجه العراق، فالتأخر في تحديث القوانين يترك البلاد عرضة للهجمات الخارجية. إن تولي المهام الأمنية وغياب التنسيق بين مختلف الجهات يزيد من تفشي المخاطر الرقمية. ويعكس ذلك الحاجة إلى إرساء إطار تشريعي قوي ومتكامل يحمي البيانات ويعزز القدرة على التصدي للهجمات.
من الضروري أن تنطلق استراتيجيات الأمن السيبراني من رؤية وطنية تشمل كل الجوانب التقنية والقانونية والتعليمية. التحسين الفعال لنظام الحماية يتطلب إنشاء هيئات قادرة على التنسيق وتوجيه الجهود بشكل محدد لضمان فعالية الرد على التهديدات الرقمية. الاستثمار في هذا المجال ليس ترفاً بل ضرورة ملحة لضمان سلامة الوطن ومراعاة حقوق المواطنين في الفضاء الرقمي.
في النهاية، فإن الحاجة إلى تحسين الأمن السيبراني في العراق ضرورة ملحة لحماية المواطنين وضمان استمرارية الخدمات الحكومية في عصر التحول الرقمي. يجب أن تكون هذه الجهود موجهة نحو بناء استراتيجية شاملة تتضمن تشريعات فعالة وتوعية مجتمعية قوية.