العراق يواجه مخاطر ائتمانية: تصنيف (B-) يزيد كلفة الاقتراض ويهدد المشاريع الكبرى

العراق يواجه مخاطر ائتمانية: تصنيف (B-) يزيد كلفة الاقتراض ويهدد المشاريع الكبرى

التصنيف الائتماني للعراق ومخاطر الاستثمار

يستمر التصنيف الائتماني للعراق في التمسك بفئة المخاطر المرتفعة، حيث حصل على درجة B- وفق تصنيفات وكالتي ستاندرد أند بورز وفيتش، مع نظرة مستقرة تعكس التوازن الهش بين الاحتياطيات القوية والأوضاع السياسية والاقتصادية المضطربة. هذا الوضع يعني أن العراق قريب جداً من منطقة التعثر المالي، مما يزيد من مخاوف المستثمرين والدائنين على حد سواء.

التصنيف الائتماني وخطورته

تشير وكالات التصنيف إلى أن العراق يمتلك احتياطيات أجنبية كافية لتغطية التزاماته القصيرة الأجل، ولكن اعتماده الكبير على عائدات النفط وضعف تنويع مصادر الدخل بالإضافة إلى تحديات الحوكمة والشفافية تمنع رفع التصنيف إلى مستويات استثمارية. في حين تتمتع الإمارات وقطر بتصنيف AA، والسعودية والكويت بتصنيف A+، يبقى العراق عند مستوى B-، متقدماً بدرجة واحدة فقط على لبنان الذي يعاني من التعثر المالي.

تعتبر درجة B- ضمن الفئة غير الاستثمارية، مما يشير إلى احتمال مرتفع للتعثر أو التأخير في السداد. هذا الوضع يؤدي إلى أن يطلب المستثمرون أو المقرضون الدوليون فوائد أعلى لتعويض المخاطر، مما يزيد من تكلفة الاقتراض للعراق مقارنة ببقية الدول العربية.

إذا نظرنا إلى الجوانب المالية، فإن كل تخفيض بمقدار درجة واحدة في التصنيف قد يؤدي إلى زيادة تكلفة الاقتراض بنحو 0.5 إلى 1.2 بالمئة في الأسواق الدولية. وعليه، قد يصل معدل الفائدة في أي إصدار جديد للدين العام إلى أكثر من 9 بالمئة، بينما تكون الفوائد في الدول ذات الجدارة العالية مثل السعودية وقطر أقل من 4 بالمئة. هذه العوامل توضح أن التصنيف الحالي يحد من قدرة العراق على جذب الاستثمارات الأجنبية في مشاريع استراتيجية كبرى.

استمرار العراق في منطقة الخطر المرتفع رغم الجهود الإصلاحية المقترحة في النظام المصرفي والاقتصادي يبرز التحديات الكبيرة التي تواجهه. ووفقاً لآراء خبراء، فإن الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة تؤثر بشكل مباشر على التصنيف، وأي تدهور يمكن أن يؤدي إلى تعثر مالي. لذا، فإن المستثمرين الدوليين ينظرون بعين الحذر إلى التصنيف العالي المخاطر للعراق، مما يزيد من كلفة الاقتراض.

بالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات إلى أن زيادة الإنفاق التشغيلي تؤدي إلى اتساع العجز، مما يزيد الحاجة إلى الاقتراض ويضغط على التصنيف الائتماني. وبلغت نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي 42.9 بالمئة في نهاية عام 2024، وهو معدل مرتفع في ظل الاعتماد الكبير على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. أما الدين الخارجي الكلي للعراق فقد بلغ نحو 54.6 مليار دولار في منتصف 2024، مع كون خدمة الدين الخارجي تمثل نسبة ملحوظة من إجمالي الصادرات.

لتحسين التصنيف، يوصى بتبني إجراءات فعالة مثل وضع إطار مالي يضمن تقليص العجز، وتعزيز تنويع مصادر الإيرادات، وتعزيز الحوكمة والشفافية في القطاع المصرفي. من الضروري أيضاً ربط الإنفاق الاستثماري بالأداء وتحييد النفوذ السياسي في المشاريع الكبرى. إذا تم تحسين الإدارة المالية، فقد يشهد التصنيف تحسنًا تدريجياً على مدى ثلاث سنوات، مما يحسن من الثقة بالمؤسسات النقدية والرقابية.

بالرغم من التحديات، يبقى العراق بفضل احتياطياته وموقعه الاستراتيجي في منطقة الخطر المالي العالي، مما يؤدي إلى ضرورة الإصلاحات الجوهرية لضمان الاستقرار المالي وجذب الاستثمارات.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *