
يشهد سوق السكوار في العاصمة الجزائرية حالة من الجنون الحقيقي في أسعار صرف العملات الأجنبية، وعلى رأسها اليورو الأوروبي، الذي واصل ارتفاعه بشكل متسارع خلال الساعات الأخيرة ليصل إلى مستويات غير مسبوقة منذ بداية العام ويتابع الجزائريون باهتمام بالغ تحركات السوق الموازية، التي أصبحت مرجعًا رئيسيًا لتحديد القيمة الفعلية للعملات الأجنبية داخل البلاد، في ظل الفارق الكبير بينها وبين الأسعار الرسمية التي يحددها بنك الجزائر المركزي.
ارتفاع قياسي جديد في جنون السكوار
منذ الساعات الأولى لصباح اليوم السبت 11 أكتوبر 2025، شهدت منطقة السكوار، المعروفة بأنها القلب النابض لتجارة العملة في الجزائر، إقبالًا كثيفًا من المتعاملين والمواطنين الراغبين في شراء اليورو، سواء لأغراض السفر أو التحويلات المالية إلى الخارج أو حتى المضاربة.
هذا الطلب الكبير أدّى إلى قفزة جديدة في الأسعار، حيث تمّ تسجيل ما يلي في تعاملات اليوم:
- سعر شراء اليورو الواحد: بلغ نحو 266 دينارًا جزائريًا.
- سعر البيع: وصل إلى 268.24 دينارًا جزائريًا.
- 100 يورو تُباع اليوم بمبلغ يقارب 26,824 دينارًا جزائريًا.
- أما 500 يورو فبلغ سعرها حوالي 133,000 دينار جزائري.
- بينما 1000 يورو وصلت إلى 266,000 دينار جزائري.
هذه الأرقام تمثل زيادة واضحة مقارنة بالأسبوع الماضي، عندما كان سعر البيع لا يتجاوز 265 دينارًا لليورو الواحد، ويصف المتداولون هذا الارتفاع بأنه “جنون حقيقي في السكوار”، حيث لم يعد بالإمكان التنبؤ باتجاه السوق في ظل التقلّبات اليومية السريعة.
السوق الرسمية أكثر استقرارًا
في المقابل، حافظت أسعار الصرف في السوق الرسمية على استقرار نسبي، وفقًا لآخر نشرات بنك الجزائر المركزي، التي أظهرت أن سعر اليورو اليوم بلغ:
- 150.62 دينارًا جزائريًا لليورو الواحد.
- 100 يورو تُعادل حوالي 15,061.60 دينار جزائري.
- 500 يورو وصلت إلى نحو 75,308 دينار جزائري.
أي أن الفارق بين السعر الرسمي وسعر السكوار تجاوز 118 دينارًا لليورو الواحد، وهو ما يعادل تقريبًا ضعف القيمة الرسمية. هذا التباين الكبير يعكس حجم الإقبال المتزايد على السوق الموازية، التي أصبحت بديلًا فعليًا للقنوات الرسمية بسبب القيود المفروضة على شراء العملات الأجنبية من البنوك.
أسباب اشتعال أسعار اليورو
بحسب متابعين وخبراء اقتصاديين، هناك عدة أسباب تقف وراء اشتعال “جنون السكوار” مؤخرًا:
- زيادة الطلب على العملة الأوروبية من قبل الجزائريين المسافرين إلى الخارج، خصوصًا للدراسة أو العلاج.
- نقص المعروض من اليورو في السوق الرسمية، ما يدفع المواطنين للجوء إلى السوق الموازية.
- تراجع الدينار الجزائري أمام سلة العملات الأجنبية نتيجة التقلبات الاقتصادية العالمية.
- ارتفاع أسعار النفط والغاز التي تُحدث عادةً ضغطًا على حركة العملات الأجنبية في السوق المحلية.
- المضاربات المالية من قبل تجار العملة الذين يسعون لتحقيق أرباح سريعة.
- هذه العوامل مجتمعة خلقت وضعًا غير مستقر في سوق السكوار، وجعلت الأسعار تتغير أكثر من مرة في اليوم الواحد.
آراء المواطنين
يقول أحد المتعاملين في السوق إن “الناس فقدت الثقة في الأسعار الرسمية، الكل يشتري من السكوار لأن السعر حقيقي وواقعي”.
بينما أشار آخر إلى أن “الارتفاع الحالي غير منطقي، فكل يوم السعر يتغير دون سبب واضح، كأننا في بورصة مفتوحة على مدار الساعة”، وتُظهر المشاهد اليومية في سكوار العاصمة طوابير من المواطنين أمام محلات الصرافة غير الرسمية، ما يعكس حجم الاعتماد الكبير على هذا السوق في الحياة الاقتصادية اليومية.
يتوقع خبراء الاقتصاد أن يستمر “جنون السكوار” خلال الأسابيع المقبلة، خصوصًا مع اقتراب موسم العطل والسفر إلى أوروبا، وزيادة الطلب على العملة الصعبة، ويرجّح البعض أن يتجاوز سعر اليورو حاجز 270 دينارًا جزائريًا إذا استمرت وتيرة الطلب الحالية دون تدخل فعّال من السلطات النقدية.