
بين السماء وكوابل الكهرباء، تتشكل شبكة عملاقة تربط مصر والسعودية، لتحويل الطاقة إلى جسر يربط بين القارتين، مما يعكس رؤية القاهرة لتصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، ويصوغ تفاصيل هندسية وتقنية تهدف إلى تأمين الكهرباء المستقبلية وتعزيز صادراتها إلى آسيا وأوروبا.
تكلفة المشروع بلغت 1.6 مليار دولار
أنجزت مصر حوالي 95% من مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، بتكلفة تصل إلى 1.6 مليار دولار، ويتضمن بناء 862 برجًا كهربائيًا وتمديد 330 كيلومترًا من الكابلات عالية الجهد داخل الأراضي المصرية. تشير التوقعات إلى أنه من الممكن بدء التشغيل الجزئي للمشروع قبل نهاية عام 2025 أو بداية عام 2026، وفقًا لتصريحات مسؤولين.
المشروع، الذي بدأ في عام 2012، يتضمن ثلاث محطات رئيسية للتحويل: واحدة في شرق المدينة المنورة وأخرى في تبوك بالمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى محطة في مدينة بدر شرق القاهرة. تربط بين هذه المحطات خطوط هوائية بطول 1350 كيلومترًا، تعتمد أيضًا على كابلات بحرية، ويتم تنفيذه من قبل تحالف مكون من ثلاث شركات عالمية. يهدف الربط الكهربائي إلى تعزيز تصدير الطاقة إلى قارتي آسيا وأوروبا، وتقوية قدرات قطاع الطاقة في البلدين لمواجهة الطلب المتزايد وضغوط الأحمال، من خلال الاستفادة من فائض الإنتاج المتاح.
استراتيجية مصر في مجال الطاقة
المشروع يعكس الطموحات الاستراتيجية لمصر في أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، سواء من خلال الربط الكهربائي أو الغاز الطبيعي. القاهرة تعمل على مشروعات مشابهة للربط مع اليونان وقبرص لنقل الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة إلى أوروبا، بالإضافة إلى تصدير الطاقة إلى العراق وسوريا ولبنان عبر كابل بحري مع الأردن بقدرة أولية تبلغ 2000 ميغاواط، وتعزيز الروابط القائمة مع ليبيا والسودان والأردن. ومع تحقيق نحو 95% من أعمال الربط الكهربائي، تقترب هذه المبادرة من مرحلة التشغيل الفعلي، مما يعكس قدرة مصر على إدارة مشاريع كبيرة بدقة عالية.
المشروع لا يوفر فقط فرصة لتوسيع صادرات الكهرباء إلى آسيا وأوروبا، بل يدعم أيضًا استقرار الشبكة الكهربائية المحلية في مواجهة الضغوط المتزايدة على الأحمال. كما يعد خطوة استراتيجية نحو تحويل مصر إلى محور إقليمي للطاقة، مع التطلع إلى مشاريع مستقبلية مع دول الجوار والاتحاد الأوروبي. ومع تنامي الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والكهرباء، يُعتبر هذا الربط حلقة وصل محورية تربط بين فائض الإنتاج في مصر واحتياجات الأسواق الإقليمية والعالمية، مما يعزز دور مصر كمركز رئيسي للطاقة في المنطقة.