
التطورات في السياسة الإقليمية بعد اتفاق غزة
أحدث الاتفاق الأخير بشأن غزة تحولًا مهمًا في سياسة المنطقة. بجانب وقف الأعمال القتالية، تمكنت الدول العربية، بدعم من الولايات المتحدة، من استعادة القضية الفلسطينية من سيطرة النظام الإيراني، وعادت إلى مكانتها الطبيعية. تبقى الآثار المرتقبة لهذا التطور على لبنان، الذي لم تنتهي بعد عواقب حرب “الإسناد”، حيث تظهر غارات المصيلح كدليل قوي على ما قد يواجهه لبنان في المستقبل.
تحولات واسعة في العلاقات الإقليمية
أطلق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، مسارًا جديدًا ومثمرًا للسلام. مع عودة القضية الفلسطينية إلى الحضن العربي، تقل المخاوف من استغلالها، بعدما قضت إيران أكثر من 40 عامًا تتاجر بها. بعد إنهاء ملف غزة، سيتجه التركيز إلى لبنان. الحكومة اللبنانية بحاجة إلى متابعة تنفيذ القرارات المتخذة في الفترة الأخيرة، ولا يوجد رضا أمريكي عن الأداء الحالي، بل توجد شكاوى من بطء التنفيذ.
السيناريوهات اللبنانية تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات. تجاهل “حزب الله” لمطالب سحب السلاح يرفع من احتمالية العودة إلى الحرب، مما قد يجر لبنان إلى ما واجهته غزة قبل اتفاق الاستسلام. استمرار بعض القوى السياسية اللبنانية في دعم سياسات الحزب سيعرض البلاد للخطر في حال تجدد النزاع. الحل الوحيد يكمن في حزم الدولة لأمرها ووقف المسايرة لـ “حزب الله” وبدء خطوات عملية لجمع الأسلحة.
لا يبدو أن الدول العربية تسير في اتجاه مختلف عن الولايات المتحدة، ويعتبر التحول في العلاقات اللبنانية – العربية مجرد محاولة لتضليل الرأي العام. رغم أن الحكومة اللبنانية بدت وقد تحررت من قبضة “حزب الله”، إلا أن هناك حذرًا خليجيًا تجاه لبنان طالما أنها لا تسير في المسار المرسوم ولا تزال تُظهر الانصياع لـ “حزب الله” وإيران التي بدأت تنسحب من المنطقة.
لم تصل الأمور بعد إلى التعامل مع لبنان كما تم مع الوضع في سوريا، حيث لا توجد قرارات خليجية للدخول في عمليات إعادة الإعمار مثلما حدث بعد حرب تموز 2006. المساعدات المقدمة حاليًا تهدف لتلبية الاحتياجات الإنسانية دون وجود مشاريع ضخمة أو استثمارية.
تؤكد المعلومات أن دول الخليج لن تقدم مساعدات ما لم يُسحب السلاح غير الشرعي. إذا لم تتخذ الدولة موقفًا صارمًا وتفرض سيطرتها، فستظل الأمور على حالها. وفيما يخص مؤتمر الرياض لدعم الجيش اللبناني، تبقى هناك تحضيرات قائمة، وستعتمد نجاحه على توافق سعودي – فرنسي – أمريكي دون تأثيرات سياسية.
وعلى الرغم من توقف النشاط الاقتصادي الكبير، فإن المملكة ترغب في فتح أسواقها أمام المنتجات اللبنانية لكن بشروط تتعلق بجودة السلع والرقابة عليها، بالإضافة إلى القضاء على صناعة الكبتاغون والمخدرات. زيارة المسؤولين اللبنانيين إلى الرياض أثبتت نتائج إيجابية، حيث تسعى المملكة لتجنب تحميل الشعب تبعات سياسة “حزب الله”. لكن فتح الأسواق السعودية متوقف على إتمام تركيب أجهزة الرقابة في الموانئ اللبنانية ومعالجة قضايا المخدرات.
استنتاجًا لما يحدث، السعودية تراقب الحكومة اللبنانية الجديدة، فإن نجحت الحكومة في تحقيق التقدم المطلوب، فإن العلاقات ستتحسن، أما إذا بقيت الأمور على حالها، فلن يكون هناك انفتاح سياسي على لبنان، وسيكون الدعم محصورًا في الجوانب الأمنية فقط، مثل تنظيم المؤتمر لدعم الجيش والتنسيق مع سوريا لفتح الأسواق في المستقبل.