تجربة فريدريك الثاني وأخلاقيات البحث العلمي
أثار الإمبراطور الروماني المقدس فريدريك الثاني (1194–1250) جدلًا واسعًا في كتب التاريخ، بسبب تجربته اللغوية “غير الأخلاقية” التي أجرها على أطفال حديثي الولادة، والتي كان الهدف منها اكتشاف “اللغة الأولى” الفطرية التي قد يتحدث بها الإنسان دون أي تأثير لغوي خارجي. فقد كان فريدريك معروفًا بشغفه بالعلوم واللسانيات، وكان يتقن اللغة العربية ويقدر العلماء من ثقافات مختلفة.
تجربة فريدريك وسوء التقدير
لتحقيق أهدافه، أمر بفصل مجموعة من الرضع عن أمهاتهم، وتسليمهم إلى مربيات ممنوعات من التحدث إليهم أو ملامستهم، قاصراً الرعاية عليهم بشكل جسدي فقط. وقد تم إهمال التواصل العاطفي بشكل كامل، حيث اقتصرت الرعاية على الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والتنظيف، مما جعل الأطفال يعيشون في بيئة معزولة تمامًا. وانتهت هذه التجربة بنهاية مأساوية، إذ توفي جميع الأطفال. وقد علق المؤرخ ساليمبين دي آدم بالقول: “الرضع لا يستطيعون العيش دون التصفيق، والإيماءات، وبشاشة الوجه، والتواصل الإنساني”.
يشير العلماء المعاصرون إلى أن نتائج هذه التجربة تعكس الآثار الخطيرة الناتجة عن الحرمان الحسي والعاطفي، وهو ما قد يسبب مشكلات جسدية ونفسية قد تكون قاتلة. لذا، يُعتبر التفاعل الإنساني والرعاية العاطفية ضروريين لبقاء الإنسان، وليس مجرد كماليات.
فريدريك، المعروف بلقب “دهشة العالم”، كان شخصية جدلية وواجه صراعات مع الكنيسة، وتم طرده منها أكثر من مرة. وقد نسبت إليه بعض التجارب القاسية مثل حبس سجناء لرصد لحظة وفاتهم أو إجراء تجارب قاسية على أجسادهم لفهم آلية حدوث الهضم.
ورغم أن بعض المؤرخين شككوا في مصداقية هذه الروايات، معتبرين أن مصادرها تحمل تحيزًا دينيًا أو سياسيًا، إلا أن القصص ما زالت تُروى كمثال على التجارب العلمية غير الأخلاقية التي ارتكبت في حق البشرية. وتجربة فريدريك الثاني تعيد فتح النقاش حول حدود البحث العلمي وأهمية القيم الإنسانية في الحياة، مؤكدة أن المحبة والرعاية ليست أمورًا ثانوية بل جوانب أساسية لا بد منها لخلق حياة صحية ومستدامة.