الأحكام الإيجارية وتحسين السوق العقاري
من المتوقع أن تساهم الأحكام الإيجارية الجديدة في الحد من الممارسات الاحتكارية والتسعير العشوائي، مما سيؤدي إلى إعادة معدلات التضخم إلى مستويات مقبولة. هذه الإجراءات ستعمل على حماية المستأجرين من استبداد الملاك، وتعطيهم القدرة على التخطيط المالي بشكل أفضل، خاصة في قطاع العقارات التجارية، حيث أن الوضع الحالي قد أدى إلى خروج العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة من مقراتها بسبب الإيجارات المرتفعة.
تشريعات تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر
التوجيهات التي أصدرها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في سبتمبر 2025 تتعلق بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في مدينة الرياض. تضمنت هذه التوجيهات تثبيت القيم الإيجارية للعقارات السكنية والتجارية لمدة خمس سنوات اعتباراً من موعد صدورها. وقد جاءت هذه الخطوة بعد دراسة شاملة استمرت 180 يوماً، حيث سجلت أسعار عقارات الرياض زيادة ملحوظة بمعدل يصل إلى 16 ضعفاً خلال الفترة بين 2005 و2023. على الرغم من تبرير بعض المستثمرين لهذه الزيادة بالطلب المرتفع، إلا أن الزيادات كانت غالباً عشوائية وغير مدروسة، مما جعل معدل تغيير الأسعار في العاصمة السعودي هو الأعلى مقارنة ببقية مدن المملكة.
مع زيادة الطلب على المكاتب والمساحات السكنية جراء برنامج المقرات الإقليمية، جرى جذب نحو 570 شركة عالمية إلى الرياض، مما أدى إلى دخول أنظمة الإيجارات طويلة الأجل لأول مرة. هذه الأحكام ستوفر استقراراً وشفافية في السوق، وقد استندت إلى تجارب دول مثل بريطانيا وفرنسا. على سبيل المثال، ربطت بريطانيا زيادة الإيجارات بمؤشر التضخم، بينما اعتمدت فرنسا نظام الإيجار المرجعي لضبط الأسعار في المناطق ذات الطلب المرتفع.
متوسط إيجارات العقارات في الرياض لا يزال عقلانياً مقارنة بمدن عالمية مثل نيويورك ولندن. بينما تواصل الأحكام الإيجارية العمل على تثبيت الوضع الحالي، فإن خلال السنوات الخمس المقبلة، تعتزم الشركة الوطنية للإسكان ضخ ما يصل إلى 15 ألف وحدة سكنية سنويًا، مما سيزيد من العرض وبالتالي يخفض الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، ستطرح الهيئة الملكية لمدينة الرياض 25 ألف أرض مطورة سنويًا، مما سيوفر فرصة أكبر للمستثمرين لتلبية الطلب المتزايد.
ستساهم هذه التحولات في تخفيف الضغط المالي على سكان الرياض من خلال تقليل حصة الإيجار من دخلهم. التغيرات ستعزز القدرة الشرائية، وبالتالي يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني في المجمل. كما أن الغرامات على المخالفات المتعلقة بهذه الأحكام قد تصل إلى 12 شهرًا من إيجار العقار، مع توفير تعويض للمتضررين، مما يعزز من حقوق المستأجرين ويوفر لهم الحماية اللازمة. ومع ذلك، هناك مخاوف من إمكانية استغلال عمليات الفحص والتقارير الفنية لتحسين حالة العقارات بشكل غير مشروع، مما يستدعي ضرورة وجود جهة محايدة للرقابة.