
المشهد العراقي: التحديات والضغوط الخارجية
يواجه المشهد العراقي ثلاثة مسارات متزامنة تشير إلى اختبار حاد للأوضاع: التصريح الذي أدلى به السفير البريطاني السابق في بغداد ستيفن هيكي، الذي توقع عدم وجود ميليشيات في العراق خلال خمس سنوات، وتهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة باستهداف قادة هذه الميليشيات إذا هاجموا إسرائيل، بالإضافة إلى سلسلة من الإجراءات الأمريكية المتصاعدة التي تشمل تصنيفات إرهابية وعقوبات مالية ضمن شبكات مرتبطة بإيران وبعض الفصائل العراقية. تعد هذه العناصر غير منفصلة عن الإطار الدستوري والمؤسسي الذي اعترف بالحشد الشعبي كجزء من المنظومة الأمنية منذ عام 2016، وكذلك عن السياق السياسي الذي شهد توسع بعض الفصائل داخل العملية الانتخابية.
الإستراتيجيات المنافسة في العراق
على الجهة الأخرى، أشار نتنياهو في خطابه إلى الفصائل الحليفة لإيران كأهداف لاستهداف عسكري، محذراً من أنه إذا هاجموا إسرائيل، فإنهم سيصبحون أيضاً في دائرة التصفية. هذا الخطاب، الذي ألقى الضوء على الميليشيات في العراق وسوريا، يُنظر إليه من قبل العراق كعامل ضغط أمني يزيد من تعقيد موقف الحكومة في إدارة توازناتها الداخلية والخارجية. وفي إطار ذلك، تتعاظم الأدوات المالية والقانونية الأمريكية، حيث صنفت وزارة الخارجية الأمريكية أربع جماعات عراقية مرتبطة بإيران كمنظمات إرهابية، فيما وسّعت وزارة الخزانة نطاق عقوباتها لتشمل قادة من كتائب حزب الله وعناصر مالية تتعامل مع كيانات معنية بإيران.
في هذا الإطار، يعتبر الخبير الأمني أحمد التميمي أن الافتراض المتعلق بزوال الميليشيات في غضون خمس سنوات يحتاج إلى إعادة تقييم، حيث يُظهر أن الضغوط الغربية تهدف إلى إضعاف محور المقاومة، بينما تظل الفصائل قادرة على التكيف وإعادة تشكيل وجودها. ويشير التميمي إلى أنه رغم الضغوط، فإن تجربة التاريخ تؤكد أن استهداف قيادات المقاومة قد يؤدي إلى ظهور قيادات جديدة أكثر قوة.
على الصعيد الداخلي، يحدد التميمي حدود واقع التصريحات حول “نهاية” الفصائل المسلحة، مشيراً إلى أن وضع العراق تحت عدوان خارجي سيكون له نتائج عكسية كبيرة. كما يطرح مساراً بديلاً يتمثل في الاستقرار الداخلي، والذي قد يسمح بتقليل الاعتماد على السلاح وفتح الطريق للاندماج السياسي. فنجاح هذا المسار يعتمد على التزام قوي بسيادة القانون وتحقيق الاستقرار الإقليمي.
وفي النهاية، يشير التميمي إلى أن العنف لم ينهي المقاومة على مر التاريخ، وبالتالي فإن المعادلات السياسية والعسكرية ستحدد شكل العلاقة المستقبلية بين الدولة والفصائل المسلحة. لذا، فإن النقطة المحورية ليست حول اختفاء الفصائل، بل حول كيفية إعادة تشكيل العلاقة بين الكيانات تحت الضغوط الخارجية ومحاولات القيام بعملية الاستقرار الداخلي.