
التحديات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط
تحتل القوى الإقليمية والدول الكبرى في الشرق الأوسط مكانة محورية في الصراعات الحالية، حيث يسعى كل طرف إلى فرض هيمنته وتحقيق مصالحه الاقتصادية. تُعتبر إسرائيل من أكثر الدول نشاطًا في استغلال الوضع الجيوسياسي لتعزيز وجودها الاستراتيجي، حيث ترتكز سياستها على القوة العسكرية لفرض “السلام السياسي” أو تحميل الجوار استسلامًا، مع سعيها لتعزيز هيمنتها في المنطقة. مشروع “إسرائيل العظمى” يعكس تطلعاتها الاقتصادية والسياسية من خلال السيطرة على الممرات البحرية والبرية، مستفيدة من تطورات أمنية واقتصادية تجمع بين البلدان المحيطة.
المنافسة الإقليمية والتوجهات الاقتصادية
أطلقت إسرائيل مشروع “إيست ميد” لتحالف نفطي يربط دول شرق المتوسط من أجل تصدير الغاز والنفط إلى أوروبا، وهو ما أثار قلق تركيا نظرًا لمصالحها الاقتصادية الخاصة. على الرغم من الجهود التي بُذلت، تعرض المشروع للفشل بسبب ارتفاع تكاليفه وتفاصيله السياسية غير المكتملة. ومع ذلك، نجحت تركيا في توسيع مجال نفوذها في البحر المتوسط من خلال اتفاقيات استراتيجية، مما زاد من تعقيد المشهد الإقليمي.
فيما يتعلق بالأسواق الإقليمية، يُعتبر مشروع “طريق الهند” الذي يربط آسيا بالشرق الأوسط تهديدًا آخر لتركيا، حيث يتسم بتحديات استراتيجية وعواقب اقتصادية محتملة. وعقب هذا المشروع، تهتز التوازنات التي كانت قائمة بفضل التوترات الناتجة عن النزاع الإقليمي.
مع اندلاع الأزمات الإسرائيلية، باتت تركيا والسعودية تسعيان إلى إعادة تشكيل الروابط الإقليمية، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة واستقرار سوريا. حيث تحاول كل من الدولتين دعم مركزية الدولة السورية، ولا سيما في ظل أحداث تتعلق بالأكراد والنفوذ الإيراني.
علاوة على ذلك، تسعى تركيا لإعادة تشغيل خط قطار الحجاز، مما يعزز الروابط التجارية مع السعودية عبر خط M5، الذي يلعب دورًا محوريًا في نقل البضائع عبر الحدود التركية إلى أوروبا. هذا الخط يمثل ممرًا جديدًا يخرج من دائرة التهديدات المنطلقة من البحر الأحمر، ويعمل على تنويع طرق التجارة المهمّة.
تتواصل التحديات في لبنان بمجال الطاقة، حيث يُنظر إلى دور مرفأ بيروت كمنافس لمرفأ حيفا الإسرائيلي. تدور المعركة حول كيفية الاستفادة من الموارد الطبيعية. يُعتبر فرض منطقة اقتصادية حرة في الجنوب مشروعًا إسرائيليًا يسعى إلى التحكّم في موارد الغاز اللبنانية، بينما تحاول تركيا إيجاد فرص شراكة هناك.
في النهاية، إن التنافس بين تركيا وإسرائيل في الساحة السورية يكشف حجم الضغوطات والمصالح المتضاربة في المنطقة، حيث يسعى الجانبان إلى تحقيق نوازعهم السياسية والاقتصادية.