«الرياض» تستكشف التجارب العالمية في مجال التمويل العقاري

«الرياض» تستكشف التجارب العالمية في مجال التمويل العقاري

الديون العقارية العالمية: رؤية حول تمويل العقار

تعتبر الديون العقارية مكوناً أساسياً في الاقتصادات العالمية، حيث تشير التقديرات إلى أن الدين العقاري العالمي نما ليصل إلى حوالي 200 تريليون دولار في 2024، مع توقعات بزيادة هذا الرقم إلى 210 تريليون في 2025. يعكس هذا الارتفاع الطلب المتزايد على العقارات، خاصة في الأسواق الناشئة، مما يثير تساؤلات حول المخاطر المحتملة، مثل تلك التي حدثت في الأزمة المالية لعام 2008.

التجارب الدولية في التمويل العقاري

يدعم نظام التمويل العقاري في السعودية رؤية 2030، حيث من المتوقع أن ترتفع نسبة الملكية إلى 70%. في عام 2024، بلغ حجم التمويل العقاري في المملكة 226 مليار دولار، مدفوعاً بمبادرة “سكني” وشركة إعادة التمويل العقاري (SRC)، التي تسعى لدعم هذا القطاع بنمو سنوي قدره 13%.

عند النظر إلى السوق الأمريكية، نجد أن الدين العقاري يصل إلى نحو 20.83 تريليون دولار، حيث تتيح هيئات مثل “فاني ماي” و”فريدي ماك” قروضاً تتجاوز إصداراتها السنوية 2.3 تريليون دولار. وهذا النمط من التمويل مدعوم بنظام قوي من الدعم الحكومي مما جعل 65% من الأمريكيين يمتلكون منازلهم، لكنه أيضاً أسهم في أزمة 2008 نتيجة القروض غير المدروسة.

أما في الصين، فإن الدين العقاري يعكس نظاماً مختلفاً، يصل إلى 8-10 تريليون دولار، يعتمد بشكل كبير على صندوق الإسكان الإلزامي الذي يُخصص جزءاً من رواتب الموظفين. بينما تُظهر ألمانيا نموذجاً مستقرًا بحجم ديون عقارية يبلغ حوالى 1.9 تريليون يورو، يعتمد على نظام عقود التوفير السكني، مما يضمن فوائد ثابتة وتحقيق استقرار ثابت في السوق.

تستفيد بريطانيا من تقنيات حديثة في التمويل العقاري، حيث تدعم البنوك الكبرى مثل HSBC تقديم قروض تنافسية، في حين يغطي نظام القروض بلا فوائد في فرنسا نسبة تصل إلى 40% من تكلفة المنزل للمشترين للمرة الأولى، مما يُعزز ملكية المنازل إلى 65%.

في المقابل، تقدم سنغافورة نظاماً حكومياً شاملاً، حيث تدير هيئة التنمية السكنية 80% من السوق، مؤكدةً على أهمية الادخار الإلزامي للحصول على قروض بفوائد منخفضة. ومن الجوانب المميزة في اليابان هو الاستقرار الذي توفره القروض طويلة الأجل بفوائد منخفضة، حيث تعرضت لفقاعة في التسعينيات وتعلمت منها عبر توفير قروض تمتد لعقود تصل إلى 100 عام.

تواجه المملكة العربية السعودية تحديات فريدة في تمويل العقار، حيث تحتاج إلى تطوير سوق ثانوي للأوراق المالية وتعزيز نظام ادخار منظم، مستلهمةً من التجارب الدولية الناجحة. ويشير التقييم العام إلى أن النموذج السعودي واعد ومرتبط بمزايا مثل الدعم الحكومي، لكن هناك حاجة لتوسيع نطاق التمويل ورفع مستوى الرقمنة لتسريع العمليات وتعزيز الوصول إلى التمويل.

في ضوء هذه التجارب، يمكن تقديم مقترحات لتحسين الوضع الراهن، مثل تطوير سوق ثانوي للأوراق المالية وتعزيز نظام ادخار إلزامي لتقديم قروض بأسعار فائدة منخفضة، مما قد يسهم في زيادة الملكية العقارية وتوفير حلول سكنية مستدامة تناسب احتياجات الشباب. كذلك، يجب تعزيز التنظيم والرقمنة في القطاع لضمان استقرار طويل الأمد وتسهيل الوصول إلى التمويل العقاري بأفضل الشروط الممكنة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *