
التسامح وحقوق الفرد
أوضح الدكتور يسري جبر، عالم الأزهر الشريف، أن مفهوم التسامح لا يعني التخلي عن الحقوق الشخصية أو حقوق الأبناء، لكنه في الوقت نفسه لا يتطلب التصرف بشكل يؤدي إلى النزاعات والخصامات أو قطع صلة الرحم. التسامح هو سلوك يستوجب منا الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، خاصة حين يتعلق الأمر بالنزاعات المتعلقة بمسائل الميراث أو الشراكة.
العفو والتوازن في المطالبات
أشار جبر خلال مشاركته في برنامج «أعرف نبيك» المذاع على قناة الناس، إلى أهمية التوازن بين المطالبة بالحقوق والحفاظ على الروابط الأسرية. قد يسفر التمسك بالحق إلى تفشي العداوة، لذا يُفضل أن يتسامح الأفراد خاصة إذا كانوا في وضع مادي مريح، من أجل صلة أرحامهم. التجارب أثبتت أن المتسامحين غالباً ما تحل عليهم البركة في الرزق، بينما من يكون بحاجة حقيقية إلى حقه يجب أن يسعى لاستعادته بطرق قانونية شرعية دون قلة أدب أو إهانة للآخرين.
كما نبه جبر إلى ضرورة أن يكون القضاء سريعاً في حل النزاعات، حتى لا تتحول الخلافات الطويلة إلى مشاكل اجتماعية كبيرة أو حتى جرائم، معبراً عن أن تأخر العدالة يعمق من مشاعر الخلافات. وعبر عن أن النبي محمد ﷺ كان من أكثر الناس تسامحاً، إذ كان يتجاوز عن حقوقه الشخصية، وهذا يعكس صفات الأفراد ذوي الهمم العالية الذين يسعون لما عند الله.
كما أضاف الدكتور يسري جبر أن التسامح يتطلب توازناً بين الأفراد وحكام الدولة والنظام القانوني، مشيراً إلى الآية القرآنية: «ومن كان غنيا فليستعفف»، حيث يُنصح الأغنياء بالعفو، بينما من هم في حاجة ملحة عليهم المطالبة بحقوقهم، شرط أن تكون مطالبتهم خالية من العدوان أو العداء. التسامح يتطلب حكمة وإدارة سليمة للعلاقات الإنسانية، بما يحقق الوفاق والانسجام في المجتمع.