
لا تنازل عن البلاغات ضد من أفسدوا الجمعية العمومية ومصر ستشهد حراكًا مجتمعياً مهماً خلال الفترة المقبلة
فتحنا ملف التعليم الهندسي فتجمعت علينا قوى من خارج النقابة خوفاً على مصالحها
تواصل الدولة مع النقابات المهنية ضعيف جداً ونطالب بأن تكون “المهندسين” استشارياً للدولة في كل مشاريعها
نطالب البرلمان بمحاسبة أعضائه المتورطين في أحداث “عمومية المهندسين” والدولة تدخلت “على أعلى مستوى” بعد أحداث الجمعية العمومية
” يوم مأساوي في تاريخ نقابة المهندسين ومصر كلها” هكذا وصف المهندس طارق النبراوي ما حدث في 30 مايو الماضي، أثناء عملية فض صناديق الاقتراع في التصويت في الجمعية العمومية غير العادية للنقابة والتي تم الدعوة لها لسحب الثقة من النقيب.
وجاءت الدعوة للجمعية العامة غير العادية لنقابة المهندسين، بناء على طلب تقدم به 1960 عضوا من الجمعية العمومية للنقابة لسحب الثقة من طارق النبراوي، بعد تصاعد الخلاف بين النقيب وعدد من أعضاء مجلس النقابة الممثلين بمجالس إدارات الشركات التي تساهم بها النقابة، حول عدد من القرارات المتعلقة باستثمارات النقابة.
وفيما يبدو رد فعل لصالح استقلال النقابة وتأكيد الثقة في النبراوي، حضر ما يقارب ٢٥ ألفًا من المحامين، إلا أن المشهد تغير تمامًا بعدما اقتحم عملية فرز الأصوات عدد من “البلطجية” قيل أن منهم قيادات بحزب مستقبل وطن، قاموا بتكسير الصناديق.
على إثر ردة الفعل تجاه أحداث الاقتحام وتأكيد المهندسين ثقتهم في النبراوي، والبلاغات التي تقدمت ضد حزب “مستقبل وطن” والمؤتمر الصحفي في وجود وزراء ممثلين عن الدولة، وإعلان التأييد التام للنقيب الحالي النبراوي، بدا أن هناك تيار يتوسع يقف ضد “التضييق” الممنهج ضد النقابات المهنية وأدوارها في المشهد المصري. حاورت منصة “الحرية” النقيب طارق النبراوي بعد أيام من الأحداث واستقرار الأوضاع بعض الشيء.
مساحات للحرية
تزامن موقف المهندسين الأخير، مع المشهد الذي تم في نقابة الصحفيين مارس الماضي، بنجاح مرشح تيار الاستقلال الصحفي خالد البلشي وفوزه بمقعد الصحفيين. يقول النبراوي أن ما فعله المهندسون والصحفيون في الانتخابات النقابية الأخيرة، يدل على زيادة الاهتمام والوعي بالرأي العام، ودليل على وجود الرغبة في التغيير. يؤكد ذلك، وفق كلام النقيب، حضور عدد كبير جدًا من المهندسين للإدلاء بأصواتهم، ما يوضح اهتمامهم الكبير بالشأن النقابي والذي يعد جزء مهم من الشأن العام.
يشير النبراوي في بداية حديثه إلى انطلاق جلسات الحوار الوطني، ويؤكد أتن الحوار جاء كتعبير عن الرغبة الملحة للقطاعات المتنوعةفي الحوار وتبادل الأفكار، وهو ما سيجعل الفترة القادمة تشهد حراكًا كبيرًا في مصر، وزيادة الاهتمام بالشأن العام بشكل ملحوظ.
يشير نقيب المهندسين ٌإلى ملف التعليم الهندسي كأحد الملفات الشائكة في الأزمة الحالية، يقف عند مشكلاته وأبرزها بحسب قوله “تواجد رأس المال الخاص بقوة وكثافة فيه، ما أضر بجودة التعليم”. يقول النبراوي:” كان ذلك سبب تدخلنا في هذا الملف الشائك”.
يقول النبراوي:” لا أملك ما يثبت تداخل المصالح فيما حدث في الأزمة الأخيرة، ولكنني أعلم أننا في الطريق الصحيح، ونأمل أن يكون لنا إنجازات ملموسة في هذا الملف، كما أنني أثق أن هناك مصالح كثيرة تجمعت خارج النقابة بخصوص ملف التعليم الهندسي مما تسبب في الضغط على النقابة”.
اقتحام النقابة من قبل البلطجية، الذين بحسب الاتهامات، منهم من ينتمي لحزب “مستقبل وطن”، وهو أيضًا من نفاه الحزب وقال إنهم يمثلون أنفسهم لا الحزب، يٌعد أمر بالغ الخطورة ولذا يؤكد النقيب عن استمرار النقابة مسار التحقيقات وعدم التنازل عن البلاغات المقدمة ضد بعض أعضاء مجلس النقابة والأشخاص الذين اقتحموا النقابة وفق المواد الفيلية المسجلة. يقول:” البلاغات ليست شخصيةولكنها تُعبر عن واقعة حدثت وأضرت بالمجتمع والشعب المصري بالكامل وليس بنقابة المهندسين فقط، وأثق أن هناك قرارات صارمة ستنفذ ضد كل من شارك في هذه الأفعال”.
الاتصالات تمت على الفور بين النقيب قيادات من جهات مختلفة، منها وزارة الخارجية، وقادت النيابة التحقيقات مباشرة، وأدلى النقيب وعدد آخر بأقوالهم. وفق النبراوي، الذي وصف موقف الدولة مع الأزمة بالجاد وعلى أعلى مستوى لاحتواء الأزمة، كذلك وصف تدخل عدد من الوزراء بالمبادرة الجميلة، وتم احتواء الموقف بشكل حضاري. يؤكد النبراوي مكررًا حرصه على محاسبة كل من تورط وشارك فيما وصفه بالأفعال السيئة والمشينة في النقابة، متوقعًا “وقوع عقاب واضح وصارم لكل من شارك في هذه الواقعة المؤسفة.
فيما يخص البرلمان، يقول النبراوي:” يحق لمجلس النواب التحقيق في تورط بعض النواب في الأحداث، وأطالب بذلك”.
إلحاقًا بالخلافات داخل النقابة، يشير النقيب إلى أن شركة «يوتن» تمتلك النقابة 30% من إجمالي أسهمها، وهي شركة عالمية، وأوشكت على إنهاء أكبر مصنع في الشرق الأوسط للدهانات في مصر، ولديها نسبة في السوق المحلي كبير، مما جعلها مطمع لجهات متعددة “لديها المصلحة في إبعادنا، ونحن لن نتنازل عن حقنا داخل الشركة مهما حدث”. وفق النبراوي
أولوية القرارات الاقتصادية
يقول المهندس طارق النبراوي إن نقابة المهندسين تمثل الاستشاري الأول للدولة وفق قوانينها المشرعة، وهذه الاستشارة مجانية، لذلك يجب طرح المشاريع على النقابة لكي يتم الاستفادة من رؤيتها، كما أنها هيئة لا تفرض قراراتها على الدولة، ولكنها تقدم وجهة نظر فقط.”نصر على تفعيل هذه المادة في قانون النقابة، وكذلك باقي النقابات المهنية لصالح البلد، حيث إنه لا يجوز أن تتم أي مشروعات هندسية على نطاق كبير دون أن تكون لنقابة المهندسين رأي فيها، وكذلك باقي النقابات، وذلك البند رئيسي لانتقال الدولة إلى الديمقراطية”.
وفق النبراوي تبني الدولة مشروعات هائلة، ومن الناحية الهندسية،هناك إنجازات يُشيد بها دومًا منذ 2016، وعلى سبيل المثال “عندما أتحدث عن محطة الضبعة فهو إنجاز تاريخي لمصر، كما أن مشروعات الطرق والكباري نقلت مصر نقلة غير مسبوقة، حتى وإن كان هناك بعض الملاحظات عليها، وقد نختلف أو نتفق على أولوية بعض المشاريع”.
موقف الدولة من النقابات المهنية
يؤكد النبراوي عن وجود فجوة بين الدولة والنقابات المهنية. ولأن ذلك بإجماع النقابات بحسب رأيه، فإن النبراوي يؤكد تقدمه للجنة المشرفة على الحوار الوطني بعقد لقاء بين أعضاء النقابات المهنية والوزراء المختصين وصولًا برئيس الوزراء لحل المشاكل الموجودة في هذه النقابات.
ويلفت نقيب المهندسين، النظر إلى أن المشكلات التي تواجه المهنيين الذين يمثلون 40٪ في مصر، ويعتبرون عماد الطبقة المتوسطة،ليست مستعصية الحل، هناك مشكلات تتراكم وحلها لن يتم إلا بتفهم الدولة لها.
كما أكد النبراوي على فتح كل الملفات الصعبة التي تمس النقابة، مستقبلًا، وعلى رأسها ملف التعليم الهندسي. مؤكدًا أن جميع المهندسين غير راضيون عن الأوضاع الراهنة، وهذا الملف بالأخص حصل على 99% من أصوات الحاضرين، “وأعد أنه سيكون على قائمة الاهتمامات خلال الفترة القادمة، إضافة إلى حل جميع المشكلات التي تتعلق بموارد النقابة المعطلة”.
وبالحديث عن الحوار الوطني يكرر نقيب المهندسين تأكيده على أهمية تفعيل دور النقابة كاستشاري أول للدولة، والاستفادة من خبرات جميع الكيانات الموجودة. ودعا إلى عدم تدخل الأحزاب في الشؤون الداخلية للنقابة، لكنه يرحب بوجود أعضاء هذه الـأحزاب كمهندسين فاعلين في العمل النقابي.
أيضًا، دعا النبراوي إلى تقديم حلول لمشكلة التعليم الهندسي،ومناقشة أزمة الضرائب والالتزامات الخاصة بالنقابة، ومراجعة النظر في المنظومة التعليمية بشكل عام. يقول:” كل الشعب غير راضي عن مستوى التعليم”.
أجرى الحوار: عمرو بدر – عصام الشريف – سيف رجب
أعده للنشر: مصطفى الحلواني و ميرنا فؤاد
تصوير: محمد حيدر